الجمعة، 24 فبراير 2017

مباحث في الاستخبارات (7) الاستخبارات الهجومية




مباحث في الاستخبارات (7) الاستخبارات الهجومية 

 

مباحث في الاستخبارات (7)
الاستخبارات الهجومية

بشير الوندي
=======
مدخل
=======
استكمالاً لما نشرناه عن انواع الاستخبارات الثلاث استناداً الى جغرافية عملها , حيث بينّا انها ثلاثة انواع وقائية داخل الوطن , ودفاعية تعمل على الجرائم والتهديدات التي تعبر حدود الوطن , والنوع الثالث محل مقالنا هي الاستخبارات الهجومية التي سنتناول طبيعة مهامها ونطاق عملها بشيء من التفصيل .
============
جنود مجهولون
============
يمتاز العمل في الاستخبارات الهجومية بانه حياة كاملة يعيشها الجهاز وافراده خلف ستار كثيف من السرية , حتى ان الدولة في العادة لاتعترف بامتلاكها هكذا اجهزة او عملاء ومستعدة للتبرؤ منهم ومن اعمالهم اذاما القي القبض عليهم رغم انها تسعى في الخفاء الى تقديم مختلف التنازلات مقابل اطلاق سراحهم , فالعاملون بالاستخبارات الهجومية هم جنود مجهولون لاترفعهم اعمالهم الخطرة للنجومية , وانما الى مزيد من سمكة ستائر النوافذ على حياتهم واعمالهم ومكاتبهم.
فأفراد هذا الجهاز متمرنون على العمل خلف خطوط العدو سواء باجسادهم , او بخططهم وتكتيكاتهم , ويتميز عملهم خارج حدود الدولة بخطورته الشديدة ويحتاج الى منتهى الحذر , لذا تعمد الاجهزة الاستخبارية الى ان تعمل لهم غطاء او واجهة تؤمّن تواجدهم في البلد المستهدف فهم يعملون بواجهات بريئة كالشركات والمنظمات الانسانية والدولية والمراكز البحثية والبعثات الدبلوماسية والصحافة والاعلام والتجارة والبعثات الدراسية وغيرها من الواجهات.
وبالطبع , فان العدو بدوره يعمد في استخباراته الدفاعية الى مراقبة الاجانب المنظوين تحت تلك الواجهات في صراع مخفي معلن , وكل دولة تنظر الى الاجنبي المقيم لديها بانه جاسوس محتمل , بل ان الدول تعتبر ان سفارة اي بلد هي مركز جاسوسية بواجهات مخملية مهذبة . ====================
المحيط الجغرافي للاستخبارات الهجومية
====================
لاتوجد في عالم الاستخبارات (كما هو العمل في عالم السياسة ) صداقات بين الدول ولابين اجهزة الاستخبارات فيما بعضها , بل ان الاستخبارات بالذات غير معنية باصطلاحات الدول الصديقة , فالدولة الصديقة قد تصبح عدو الغد , وقد يحصل فيها انقلاب يغير صور تحالفاتها , لذا فان الاستخبارات تتواجد في الدول الصديقة بشكل ما استعداداً لكل طاريء , كما ان دوائر الاستخبارات تعمل في الدول المؤثرة التي لها ثقل ديني او اقتصادي او قومي او سياسي او مذهبي على بلدنا , ومثال ذلك فان تركيا تحتاج للتواجد الاستخباري في كردستان العراق وفي سوريا بحكم تماس تلك المناطق مع الاكراد في تركيا , وتتواجد الاستخبارات الهجومية كذلك في مجالات الدول الكبيرة الفاعلة في العالم وفي بؤر الصراع وفي المنظمات الدولية والتحالفات الدولية ويكون مركز الاهتمام الاقصى بين تلك الدول , على اساس متغيرات عديدة , فعامل التوتر غير ثابت وفق العلاقات الدولية , وبالطبع فإنَّ الدوائر المختصة بالاستخبارات الهجومية تزيد من عملائها ونشاطاتها وفق الحاجة وتقييمات الامن القومي للدولة . ====================
الاعمال المناطة بالاستخبارات الهجومية
====================
للاستخبارات الهجومية اربعة اهداف رئيسة حسب اولوية وتصنيف الدولة التي تعمل بها وهي :
1. جمع المعلومات :ونعني بها المعلومات العسكرية والامنية والسياسية والاجتماعية والاقتصادية وفق متطلبات العمل واولويات الحكومة , حيث ترتفع وتيرة وكم المعلومات والتجنيد ونشر العملاء مع كل متغير في العلاقات او في طبيعة التهديدات.
2. حرب المعلومات او تخريب المعلومات: مثلما تعمل الاستخبارات الدفاعية على قطع ومنع شبكات العدو من العمل, فإن من مهمات الاستخبارات الهجومية ضخ كمية كبيرة من المعلومات المغلوطة والمضخمة والكاذبة الى استخبارات العدو لإرباك محللي العدو بمعلومات زائفة تفقده الثقة بمصادر معلوماته , وتقود المحللين الى استنتاجات خاطئة قد تكون لها تأثيرات خطيرة , فالCIA عمدت الى تضخيم مشاريعها في حرب النجوم امام الKGB السوفيتية مما جر الاتحاد السوفيتي لمجاراة المشروع رغم تأثيراته الاقتصادية الهائلة على الاقتصاد السوفيتي المترنح وقتها , مما ساهم في انهيارات بالغة في الاقتصاد السوفيتي .3. الحرب النفسية والتقييم الدوري للمجتمع في الدولة المستهدفة : من اهم واجبات الاستخبارات الهجومية , تشخيص نقاط الضعف في الشعب المستهدف وبين الناس , لبلوره برنامج حرب نفسية واشاعات للاستخدام حسب الحاجة المحدودة او الشاملة لإستهداف العقل الجمعي وتأطير تفكير الناس وتوجيه الشعوب الى اتجاهات ممنهجة مسبقاً, ومثال ذلك الحرب النفسية الضخمة في الاعلام الغربي لإستهداف العقل العراقي كالاخبار المقلقة واخبار الامال الكاذبة المولدة للاحباط وكالقوائم المتعددة التي تنشر ليل نهار عن اسماء سراق المال العام مع اشارات بانهم سوف يخضعون لمحاكمات دولية .
فهذه الاشاعات (وهي في الغالب حقائق مضخمة بمجموعة هائلة من الاكاذيب)سينتج عنها رعب السراق والعمل في احد اتجاهين , اما ان يحركوا اموالهم مما يعرضها الى الرصد او طلب الامان من خلال سعيهم لاقتسامها مع جهات تحميهم , وهي في الكثير من الاحيان جهات من المخابرات الهجومية , فترى السراق يطرقون ابواب السفارات و المخابرات الاجنبية لتحميهم وتحمي فسادهم , وهو امر لطالما فعلته الCIAمع تجار سرقوا الاموال من عدي ابن الطاغية , وقاموا بمناصفتها معهم مقابل شرعنة باقي اموالهم التي سرقوها , حيث تفيد تلك الاجهزة الاستخبارية من تلك الاموال بتمويل عمليات سرية بعيدا عن اعين سلطاتهم التشريعية والرقابية .
4. العمليات : وهي تشمل حيزاً رئيسياً من الاستخبارات الهجومية , ومنها :
أ.. يجاد لوبي ضاغط يرعى المصالح بالوكالة ويسمى بالجهد الصامت او لوبيات الضغط او العملاء الكبار
حيث تقوم الاستخبارات بتجنيد وشراء بعض الشخصيات الاجتماعية والسياسية في البلد المستهدف وتسعى دوما لايصالهم للاماكن القيادية وتنفق المال عليهم, وهو امر حاصل في العراق بشكل لم يشهده بلد في هذا الجانب من خلال دول الجوار , التي تسعى لصناعة طبقة سياسيه موالية لها.
ب. الاستهداف :حيث تقوم الاستخبارات الهجومية باستهداف الشخصيات المعادية والمعرقلة لمشاريعها في البلد المستهدف فتعمد الى تخريب السمعة السياسية والاجتماعية والاغتيال السياسي لهم بالتشهير والتسقيط والعزل السياسي , وخلق مجموعة من الموثرات السلبية ضد الشخص او المجموعة او الحزب في الدولة المستهدفة.
ج. التصفيه الجسدية
د. التفجيرات
هاء. التخريب الاقتصادي
و. شراء الاقلام في الصحافه و القنوات وصحف وبرامج الاعلام. ========
خلاصة
========
العمل الاستخباري عمل معقد وخطير ويحتاج الى مهارات استثنائية وقدرات فردية وقيادية على مستوى عال من الخبرة والمهنية لاسيما في الاستخبارات الهجومية , وهو امر يحتاج الى ان يتم اختيار افراده وقادته بعناية فائقة تتناسب مع خطورة مهامه , كما لابد من ان يكون الجهاز الاستخباري بمعزل عن اية ضغوطات دولية واقليمية تجعل استقلاليته على المحك .

 

0 التعليقات:

إرسال تعليق