الجمعة، 24 مارس 2017

صفـــات رجــــل المخــــابـــــرات







صفـــات رجــــل المخــــابـــــرات



 

مقـــدمـــة :
 يعتمد نجاح أجهزة المخابرات وتقدمها وتطورها على كفاءة القائمين والعاملين في مختلف تخطيطاتها ويبدأ النجاح أولاً على الاختيار السليم لعناصرها على مختلف درجاتهم وعلى مستوى الإختيار يجب ان تتوافر بعض الصفات كحد ادنى في رجل المخابرات فبعض هذه الصفات ذاتي يولد وينشأ الأنسان به وبعضها مكتسب بالعمل المتواصل والمثابرة واكتساب الخبرة في مجال العمل الإستخباري .
 الصفة الأولى الطاعة والتقيد بالأوامر :
الطاعة هي اساس الانضباط العسكري والطاعة المطلقة لتنفيذ الاوامر هي اساس نجاح عمل المخابرات وذلك لاختلاف وخطورة المهام الموكلة لرجل المخابرات .. والقرآن يأمر بذلك حيث يقول تعالى { يا أيها الذين أمنوا اطيعوا الله واطيعوا الرسول وأولى الامر منكم ..} { ويقول الذين أمنوا لولا نزلت سورة ، فإذا انزلت سورة محكمة وذكر فيها القتال رأيت الذين في قلوبهم مرض ينظرون إليك نظر المغشي عليه من الموت فأول لهم طاعة وقول معروف فإذا عزم الامر فلو صدقوا الله لكان خيراً لهم } وقال صلى الله عليه وسلم ( السمع والطاعة حق ما لم يؤمر بمعصية ... فإذا أمر بمعصية فلا سمع ولا طاعة ) ولقد تحل رجال استخبارات الرسول صلى الله عليه وسلم بالطاعة التامة والتقيد بأوامره أناء قيامهم بواجبهم الاستخباري ومثال ذلك : قصة حذيفة بن اليمامة واختراقه لمعسكر الاحزاب .
 الصفة الثانية حب العمل وأهميته :
الرغبة في العمل والإندفاع الذاتي والشعور بأهمية وخطورة العمل الملقى على عاتق رجل المخابرات من أهم عناصر نجاحه في عمله ودلك للأهداف العالمية والخدمات التي يقدمها لتأمين وطنه .. والقرآن يحث على حب العمل بالثواب والاجر العظيم { ما كان لأهل المدينة ومن حولهم من الأعراب أن يتخلفوا عن رسول الله ولا يطئون موطئاً يغيظ الكفار ولا ينالون من عدواً نيلاً إلا كتب لهم به عمل صالح إن الله لايضيع أجر المحسنين ، ولاينفقون نفقة ولا كبيرة ولا يقطعون وادياً إلا كتب لهم ليجزيهم الله أحسن ما كانوا يعملون } .
 ( وقال صلى الله عليه وسلم أن الله يحب إذا عمل أحدكم عملاً أن يتقنه ) ويقول تعالى { ولا تعملون من عمل الا كنا عليكم شهوداً } .
 الصفة الثالثة الصدق والنصيحة :
والصدق في العمل الإستخباري بمعنى التحري والدقة في المعلومات المجمعة وكتابة التقارير لما وقع فعلاً دون تحريف لأهداف أو زيادة أو نقصان وكتابة لأغراض شخصية والنصيحة تعني التعليق أو التحليل أو إبداء الرأي السليم وتقديم الملاحظات التي تطور وتقدم العمل . وفي القرآن { والذي جاء بالصدق وصدق به أولئك هم المتقون لهم ما شاء عند ربهم ذلك جزاء المحسنين } والرسول صلى الله عليه وسلم يقول ( الدين النصيحة قيل لمن قال لله ولرسوله ولائمة المسلمين وعامتهم ) .
 الصفة الرابعة الدهاء والحيل والخديعة وحسن التصرف والتمويه :
من أهم الصفات اللازمة لرجل المخابرات أن يكون كثير الدهاء والحيل والخديعة والتمويه وحسن التصرف في المواقف الخطرة والأمثل في أداء مهامه أو ظفر به العدو ... وفي الأثر النبوي أن ( المؤمن كيّس فطن ) . وفي السيرة مشاهد حية لدهاء الرسول صلى الله عليه وسلم وحسن تصرفه وخدعته للأعداء في عمله الإستخباري منها قصته مع نعيم إبن مسعود حين أسلم ولم يعلم قومه بأسلامه فقال الرسول صلى الله عليه وسلم ( ان الحرب خدعة فخذل عنا ما إستطعت ) وفعلاً قام نعيم بإعاقة معسكر الحلفاء في غزوة الاحزاب في ظلمة الليل فعندما دخل المعسكر شعر قائد المعسكر بأن المسلمين قد يخترقون المعسكر في الظروف الصعبة التي يمرون بها فطلب من عسكره أن يتأكد كل منهم من جليسه واحذروا العيون والجواسيس وتصرف حذيفة بذكاء شديد وبسرعة أخذ بيد جليسه على يمين وقال له من أنت ثم سأل من يساره من وكأنه من القوم .
 الصفة الخامسة الخبرة والمهارة :
الخبرة المكتسبة من التجارب والمهارة في أداء الواجبات من أهم صفات رجل المخابرات حيث تمكنه خبرته ومهارته من معالجة الأمور وتقييم المعلومات والاستنتاج الدقيق على كل الأصعدة العسكرية أو السياسية أو الأمنية أو الأقتصادية أو غيرها والرسول صلى الله عليه وسلم كان يدرب رجال مخابراته ويجعلهم يكتسبون الخبرة بكثرة التكاليف لهم والتي سرعان ما يستفيدون منها ومن هؤلاء حذيفة ابن اليمان الذي كان يقوم بعدة عمليات إستخبارية ذكرنا جزءاً منها .
الصفة السادسة الصبر والمصابرة والمرابطة :
الصبر على صعوبة العمل وخطره من أهم الصفات الواجب توفرها في رجل المخابرات وإلا أدى ذلك إلى الإنسحاب من العمليات الهامة والخطرة أو الشعور بعدم الامنية أو الملل كما أن عليه أن يصبر على أي ابتلاء أو بلاء أو تعذيب يحصل له إذا وقع في يد الأعداء والقرآن يحدد الفلاح بشروط واضحة هي { يا أيها الذين أمنوا اصبروا وصابروا ورابطوا واتقوا الله لعلكم تفلحون } . والمرابطة أي سد أي ثغرة يتوقع منها خطر أو تهديد أمني متلازمة الصبر والرسول صلى الله عليه وسلم يبشر المرابطون في سبيل أي الذين يظهرون لحماية الوطن ويحرسونه بالخير والثواب الذي يعمل كل الأعمال والفرائض الأخرى ( المرابط في سبيل الله خير ممن قام وصام ) ( ورباط يوم في سبيل الله خير من الدنيا وما عليها ) .
الصفة السابعة حفظ الاسرار والكتمان :
وهي من أقصى صفات العمل الاستخباري وذلك لسرية العمل ودقة المعلومات وخطورة النتائج من تسرب المعلومات للعدو أو التحدث بها حتى لأقرب الأقربين إليه زوجه أو ولده أو صديقه والرسول صلى الله عليه وسلم يقول ( إستعينوا على قضاء حوائجكم بالكتمان ) وكان إذا أراد أن يغزو بغزوة ورى بغيرها حتى لا تسرب خبرها إلى الأعداء وقصة حفر الخندق مثال جيد لحفظ الأسرار والمعلومات وقصة حذيفة مع المنافقون مثال جيد .
الصفة الثامنة معرفة البيئة وتكييف النفس عليها ومعرفة لغة العدو :
لضمان سرية عمل رجل المخابرات وعدم اكتشافه بواسطة العدو وفي حالة اختراقه له عليه أن يتصرف بصورة دقيقة وتفصيلية لمنطقة العدو ودروبها ومدنها وان يتعرف على عادات اهلها وأسلوب معيشتهم وتخاطبهم وملبسهم حتى يكون جزءاً منهم وليس شاذاً عليهم حتى لاينكشف أمره ... والسيرة بمشاهد من رجال واستخبارات الرسول صلى الله عليه وسلم الذين درسوا بيئة عدوهم وعرفوا مداخلها ومخارجها وتكييف على العيش فيها وقصة عبدالله ابن عتيل خير دليل على ذلك كما أن تعلم لغة العدو إجادتها من حيث المخاطبة والكتابة أن يظهر من ضرورات العمل الاستخباري وقد أوصى الرسول بتعلم لغة اليهود فأمر زيد بن ثابت بتعلم السريانية وقال (إني والله ما أمن يهودي على كتابي) ثم يقول زيد (فوالله ما هو بي نصف شهر حتى تعلمتها وجدت فيها ... فكنا أكتب له إليهم وأقراء له كتبهم) وفي عصرنا نجد أن اجهزة المخابرات تهتم بدراسة جميع اللغات الريسية وتعلم أفرادها .
 الصفة التاسعة توصيل المعلومات في الوقت المناسب :
أصبحت مسؤولية جمع المعلومات وتثبيتها وتصنيفها وإيصالها للجهات المسؤولة في الوقت المناسب من أهم العمليات اللازمة لوضع النجاح لأي خطة عمل مهما كانت أهدافها أو أدارتها أو ميادينها وهي عملية تتخصص لها الإستخبارات على كل مستوى وساء كانت الإستخبارات حربية أو أمنية أو إستراتيجية فكل منها يلتقي حول مطلب واحد هو سرعة الحصول على أكبر قدر من المعلومات بأكبر قدر من الدقة والوضوح مثال ذلك قصة حذيفة وأحضار المعلومات من معسكر الأحزاب .
الصفة العاشرة الشجاعة .
يمتاز العمل الإستخباري بالخطورة والمخاطر في سبيل الوطن بالمال والنفس وكل شيء عزيز كما يمتاز العمل ببوح الجماعة المضحية لبعضها البعض في حالة وقوع أحدهم في الخطر واتخاذ بعضهم البعض في حالة حدوث مشكلة أو أزمة ... ودونكم حذيفة بن اليمان وهو يخترق معسكر الأعداء دون خوف من القتل أو الكشف ودونكم محمد بن مسلمة الذي قتل كعب بن الأشرف في وسط أهله وعشيرته دون أن يخاف أو أن يجبن وذلك تنفيذاً لتعليمات قائده .
الصفة الحادية عشرة الإخلاص والتضحية :
يجب على رجل المخابرات أن يكون مخلصاً في عمله بضمير حي وإستقامة ونزاهة ومستعد للتضحية في أي وقت يفترض فيه التضحية وذلك إنه قد يتعرض لشتى المغريات أثناء عمله من مال ونساء ووعود بمنصب أو مستقبل وإذا لم يكن ذا نفس أبية ضد كل المغريات إنغمس في الملذات وغاص في أوحال الشهوات وإهمال واجبه ويصبح بذلك شراً على دولته وامنها . والمخابرات الأجنبية تستغل عدم الأخلاص والتضحية بتجنيد عملائها بعد أن تورطهم في مثل هذه الشهوات فكم من شخص خان وطنه بسبب النساء والقمار والمال والخمر ... ولذا كشف القرآن دور الأعداء في هذا المضمار وحذر منهم حيث يقول { والله يريد أن يتوب عليكم ويريد الذين يتبعون الشهوات أن تميلوا ميلاً عظيماً } . { يا أيها الذين أمنوا إنما الخمر والميسر والأنصاب رجس من عمل الشيطان فاختنبوه لعلكم تفلحون ، إنما يريد الشيطان أن يدفع بينكم العداوة والبغضاء في الخمر والميسر ويصدكم عن ذكر الله وعن الصلاة فهل أنتم منتهون وأطيعوا الله وأطيعوا الرسول واحذروا ...} .
الصفة الثانية عشرة :
يجب أن يكون رجل المخابرات ذو ملاحظة دقيقة لاتفوته تفاصيل الأشياء وأن يكون حدسه صائباً ليصل إلى استنتاجات تعينه على عمله وتنقذه من الخطر كما يجب أن يكون قوي الذاكرة لتعينه على حفظ المعلومات بدقة شديدة وتمكنه من ربط ملاحظاته ومعلوماته ببعضها البعض ليخرج منها بنتائج محددة قال حذيفة عن نفسه حين تم إختياره ليكون عيناً على المنافقين ( كل الناس يسئلون الخير .. وأنا كنت أسأل الشر مخافة أن أقع فيه ) كما أن ملاحظته الدقيقة مكنته من معرفة نية الأحزاب حينما اخترق معسكرهم .
الصفة الثالثة عشرة :
المقدرة على التنكر والتخفي صفة ضرورية تؤمن رجل المخابرات أثناء تأدية واجباته وتمنعه من الكشف كما إنخا تحفظ حياته والتنكر لكل مهمة جديدة يجعل من المستحيل على أجهزة المخابرات المعادية كشف عددها بسهولة وقد وضع الرسول صلى الله عليه وسلم منهجاً جيداً لاستخباراته فكان ينهى عيونه عند خروجهم أن يحدث أحدهم جدثاً ينبه إليه أو يقتل أحداً إلا إذا أجبر على ذلك وخير مثال لذلك محمد بن مسلمه وقتله لكعب بن الاشرف . 
الصفة الرابعة عشرة :
الشيفرة أمر حيوي في المخابرات لإخفاء محتويات الرسال عن الأعداء وبها يمكن ضمان عدم تسرب المعلومات إلى الأعداء وتسعى كل أجهزة المخابرات إلى تطوير نظام التشفير الخاص لدرجة معقدة حتى لايمكن كشفه وفي نفس الوقت تسعى لمعرفة وتحليل الشيفرة الخاصة بالأعداء ولذا من الضروري أن يكتسب رجل المخابرات صفة المقدرة على إبتكار شيفرة خاصة به تعينه على حفظ أسراره وحمايتها . ولقد عنى الرسول صلى الله عليه وسلم  بأمر الشيفرة وكانت فكرتها واضحة عنده ونفذها بدقة في غزوة الأحزاب مع يهود بني قريظة .
الصفة الخامسة عشر :
الأخلاق العالية والكريمة صفة رحمة يتصف بها الإنسان المحب لأهله ووطنه وبنو وطنه وهي صفة يتصف بها رجل المخابرات لشعوره العميق بالدور الذي يؤديه لوطنه ولإخلاصه في العمل . وهي أيضاً صفة تساعد رجل المخابرات في اكتساب عدد كبير من الأصدقاء والعملاء الذين يكونون بدورهم مصادر جيدة وصادقة للمعلومات كما أن التهذيب صفة أساسية لرجل المخابرات ولعمل جهازه وذلك حتى يتمكن من عكس الصورة الحسنة له وإبراز الوجه المشرق لعمل المخابرات في الحفاظ على أمن الدولة ومحو الصورة العالقة بأذهان المواطنين بإن أعضاء أجهزة المخابرات دائماً قساة غلاظ... والقرآن طالب المسلم بإتباع الرسول صلى الله عليه وسلم كقدوة والتشبه باخلاقه { وإنك لعلى خلق عظيم } كما طالب المسلم بالرقة في المعاملة { لوكنت فظاً غليظ القلب لانفضوا من حولك } .
الخلاصة :
إن رجل المخابرات الناجح هو الذي تتوفر فيه صفات الطاعة والإخلاص وحب العمل وحفظ الأسرار والصبر والمصابرة والأخلاق العالية الرقيقة المتمثلة في الصدق والإخلاص والتضحية .
 
 
 

0 التعليقات:

إرسال تعليق